تحقيقات وتقارير

صندوق النقد يحذر: من المبكر .. الاطمئنان لخفض الفائدة

جيتا جوبيناث: تطبيق سياسة نقدية أكثر مرونة يمكن أن تؤدي إلى اندلاع موجة أخرى من التضخم

نائبة رئيس بنك الاستثمار الأمريكي: الجهود المبذولة لخفض التضخم من خلال أسعار الفائدة الرسمية المرتفعة .. قد تتراجع

 

بعد أكثر من عام من رفع مطرد لمعدلات الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى وبينما تتطلع الاقتصادات إلى وقف وتيرة التشديد النقدي جاء تحذير من صندوق النقد الدولي للبنوك المركزية من الإقبال على خفض الفائدة.

النائبة الأولى لمديرة الصندوق جيتا جوبيناث دعت البنوك المركزية إلى التحرك بحذر بشأن خفض أسعار الفائدة خلال 2024 نظرا لأن تطبيق سياسة نقدية أكثر مرونة يمكن أن تؤدي إلى اندلاع موجة أخرى من التضخم.

“فاينانشال تايمز” نقلت عن المسئولة في جهة التمويل الدولية أن التضخم مرشح للتراجع بوتيرة أقل من العام الماضي بسبب قلة الطلب على الوظائف وارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في قطاع الخدمات وذلك بعدد من المناطق منها الولايات المتحدة واليورو.

الصندوق يشير إلى مسار صعب لضبط التضخم مما يشير إلى أنه لا ينبغي خفض أسعار الفائدة الرسمية حتى النصف الثاني من العام الجاري.

تحذير صندوق النقد الدولي ليس الأول من نوعه حيث أطلق تحذيرا العام الماضي من أن التاريخ رصد وقوع البنوك المركزية في احتفالات سابقة لأوانها بالانتصار على التضخم مع بدء تحرك أولى للمؤشر الأمر الذي حول دفة الأسعار الى مزيد من الصعود ودعا إلى تحرى الدقة في الحديث عن ذروة الأسعار.

وبينما انخفض التضخم الإجمالي بسرعة في العام الماضي مع انحسار صدمات العرض في أسواق الطاقة وغيرها من الأسواق، فإن أسواق العمل القوية تبقي تضخم أسعار الخدمات أكثر ثباتا.

مسؤولوا السياسة النقدية رجحوا سلفا خفض أسعار الفائدة من أعلى مستوى منذ 23 عاما والتي تتراوح من 5.25 % إلى 5.5 % بحلول شهر مارس مع ميل بعضهم إلى ان صناع السياسات يجب أن يأخذوا وقتهم لخفض أسعار الفائدة.

الفجوة بين توقعات البنك المركزي وتوقعات المستثمرين لا تزال قائمة ولا تزال الأسواق تتوقع نحو 6 تخفيضات بمقدار ربع نقطة مئوية تبدأ في الربيع القادم مقارنة بتوقعات واضعي أسعار الفائدة بثلاثة تخفيضات في وقت لاحق من العام.

نائبة رئيس بنك الاستثمار الأمريكي، كريشنا جوها، قالت إن الظروف المالية الأسهل بعد ارتفاع السوق في الأسابيع الأخيرة تهدد بتقويض القوى التي من شأنها أن تدفع الطلب للانخفاض وبناء عليه فإن الجهود المبذولة لخفض التضخم من خلال أسعار الفائدة الرسمية المرتفعة قد تتراجع.

خبراء حذروا من أن الإسراع إلى سياسة نقدية أقل تشددا قد يؤدي لارتفاع معدلات التضخم مجددا خاصة وأن مسار خفض التضخم لن يكون سهلا و قد يحدث بوتيرة أقل من التوقعات المتفائلة.

ثمة تفاوت بين توقعات البنوك المركزية بإجراء ثلاثة تخفيضات بأسعار الفائدة هذا العام، في حين أن السوق تتوقع حدوث تخفيضات بوتيرة أسرع.

تحذيرات من أن خفض أسعار الفائدة بشكل متسارع قد يؤدي إلى ارتفاع في الأجور ومزيد من التضخم في أسعار الخدمات ما يؤدي إلى نتائج عكسية على سرعة تعافي الاقتصادات الصناعية والاقتصاد العالمي.

جانب من المراقبون يفضلون إرجاء معظم البنوك المركزية خفض الفائدة إلى نهاية الربع الأول من العام حتى تتم عملية التقييم الجيدة للسوق مع دراسة الآثار السلبية للتوترات الجيوسياسية وأثرها على سلاسل الإمداد وأسعار التضخم.

التأني في خفض أسعار الفائدة يشير إلى هشاشة الاقتصاد العالمي وعدم قدرته على التعافي خلال العام الجاري.

فاينانشال تايمز تقول إن شكوكا ظهرت في أن يقوم بنك إنجلترا بتخفيف سياسته النقدية قريبا بعد تسارع مؤشر التضخم الرئيسي في المملكة المتحدة إلى 4 % في ديسمبر في أول ارتفاع للمؤشر منذ فبراير وزاد معدل صعود تضخم الخدمات في المملكة المتحدة إلى 6.4 % الشهر الماضي مقابل 6.3 % في نوفمبر.

أداة رفع الفائدة نجحت خلال الفترة الماضية بشكل كبير في العمل على إبطاء سرعة ارتفاع معدلات التضخم حيث بدأ التضخم في الانحسار مما يعني أن الاقتصاد يستطيع التكيف مع رفع سعر الفائدة المتدرج.

مخاوف من أن خفض سعر الفائدة يرفع الاستهلاك مما يضع ضغوطا على الأسعار مرة ثانية الأمر الذي يهدد بصعود التضخم مجددا بدلا من انحساره تتصاعد خاصة مع ظهور عامل جديد من شأنه ادخال الاقتصاد العالمي في حلقة جديدة من تضخم الأسعار جراء التوترات الجيوسياسية خاصة استهداف السفن في البحر الأحمر والتي صعدت بأسعار الشحن وهو ما سينعكس على الأسعار، وفي حالة استمرار تلك الأوضاع فبالتالي ارتفاع الأسعار لن يكون مؤقتا ولكنه يطول.

أسعار شحن الحاويات سجلت قفزة ملحوظة عبر الطرق العالمية الرئيسية إذ أثارت الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية على اليمن مخاوف من إطالة أمد الاضطرابات على صعيد التجارة العالمية بالبحر الأحمر، وهو واحد من أكثر المسارات البحرية ازدحاما في العالم.

وارتفع مؤشر شنغهاي القياسي للشحن بالحاويات بأكثر من 16 % على أساس الأسبوع الماضي إلى 2206 نقاط. وزاد المؤشر الذي يقيس الأسعار الفورية للشحن بالحاويات من موانئ الصين 114 % منذ منتصف ديسمبر.

شركة كلاركسونز المتخصصة في وساطة السفن ذكرت أن أسعار الشحن من شنغهاي إلى أوروبا صعدت 8.1 % إلى 3103 دولارات لكل حاوية سعة 20 قدما بينما قفز سعر شحن الحاويات إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة 43.2 % إلى 3974 دولارا لكل حاوية سعة 40 قدما على أساس أسبوعي.

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، ذكرت أنه من غير المرجح أن تبدأ أسعار الفائدة في الانخفاض هذا الربيع، في حين كان التضخم في المملكة المتحدة أعلى من المتوقع.

وخلال اجتماعات دافوس رهنت لاجارد قرارات البنك المركزي الأوروبي بالمعلومات التي ستصدر مستقبلا وذكرت أن مثل هذه البيانات ستكون ضرورية قبل أي قرار لخفض تكاليف الاقتراض.

تباطأ نمو الأسعار السنوي في دول اليورو من ذروة بلغت 10.6 بالمئة في أكتوبر 2022 إلى أدنى مستوى في عامين عند 2.4 % في نوفمبر الماضي قبل أن يرتفع إلى 2.9 بالمئة الشهر الماضي بعد الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة الحكومي.

المركزي الأوروبي حذر من أن التضخم لا يزال مرتفعا خاصة في قطاع الخدمات حيث سجل 4 % في ديسمبر.. الأمر الذي يزيد الشكوك بشأن مستقبل السياسة النقدية.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى